ولهذا يأمر رسول الله a
بعدم الاكتفاء بشعائر الدين الظاهرة التي تمارسها الجوارح، من دون إشراك القلب في
ذلك، ففي الحديث عنه a قال: (القلوب أوعية
وبعضها أوعى من بعض فإذا سألتم الله عزّ وجلّ أيّها النّاس، فسلوه وأنتم موقنون
بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل)([56])
ويدعو
إلى قراءة القرآن الكريم لا بالألسن فقط، وإنما بالقلوب أيضا، فيقول: (اقرؤوا
القرآنَ، ولا يغرَّنَّكم هذهِ المصاحفُ المعلَّقةُ، فإنَّ اللهَ لنْ يعذِّبَ قلباً
وعى القرآنَ)([57])
ويدعو
إلى عدم الاكتفاء باستفتاء المفتين، وإنما يُستفتى القلب أيضا، فقد يغيب عن المفتي
من المعاني ما يجعله يتساهل في فتواه، قال a: (استفتِ قلبك، واستفتِ نفسك،
البِرُّ ما اطمأنت إليه النفسُ، والإثمُ ما حاكَ في النفس وتردد في الصدر، وإن
أفتاكَ الناسُ وأفتوك)([58])
وبناء
على هذا كله يعتبر رسول الله a القلوب هي المحددة للأفضلية، فقد سئل عن أفضل الناس، قال: (كل
مخموم القلب، صدوق اللسان) قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: (هو
التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل، ولا حسد) ([59])