اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 438
42]
فمن وقع في الغواية خرج من
العبودية، وصار فيه استعداد لاستحواذ الشيطان عليه، كما قال تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ
عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ﴾ [المجادلة: 19]
فإن نسي العبد ذكر الله،
نسي عبوديته، وتحول من حزب الله إلى حزب الشيطان، قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ
حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾
[المجادلة: 19]
فإن حصل له ذلك انتكست
حقيقته الإنسانية لتصبح حقيقة شيطانية، وحينها يمتلئ بالعذاب؛ فكل من خالف حقيقته
وفطرته التي فطر عليها امتلأ بالعذاب، بقدر مخالفته.
ولذلك كانت التقوى هي
الطريق الذي يتقي به المؤمن كل ما يحرمه من هذه العبودية الخالصة لله تعالى؛
فتجعله وقافا عند أوامر الله، لا يجده إلا حيث أمره، ولا يفقده إلا حيث نهاه.
وقد وصفها الإمام علي بذلك
حين قال في بعض وصاياه: (أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، فإنّها الزّمام والقوام،
فتمسّكوا بوثائقها، واعتصموا بحقائقها، تؤل بكم إلى أكنان الدّعة، وأوطان السّعة،
ومعاقل الحرز، ومنازل العزّ)([1062])
وقال: (إنّ تقوى اللّه
مفتاح سداد، وذخيرة معاد، وعتق من كلّ ملكة، ونجاة من كلّ هلكة، بها ينجح الطّالب،
وينجو الهارب، وتنال الرّغائب) ([1063])
ولهذا يرد في القرآن
الكريم الحديث عنها، وعن الجزاء العظيم المُعد لأهلها.. وهو جزاء لا يرتبط فقط
بالآخرة، وإنما يرتبط بالدنيا، وبكل الأحوال والمراحل التي يمر بها الإنسان..