اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 437
التقوی والعبودیه
كتبت إلي ـ أيها المريد
الصادق ـ تسألني عن التقوى وحقيقتها ومنزلتها ودرجاتها وعلاقتها بالعبودية وبالنفس
المطمئنة.
وجوابا على سؤالك الوجيه
أذكر لك أن التقوى هي علامة العبودية وصدقها ودرجتها.. فكلما ازدادت كان ذلك دليلا
على تحقق العبودية وصفائها، وكلما نقصت دل ذلك على اختلاط العبودية بالأهواء
والنفس والشرك.
ولذلك كان سيد المتقين هو
الذي تمثلت فيه العبودية بأتم وأكمل وأجمل معانيها، وذلك هو رسول الله a
الذي نعته ربه بالعبودية، وشرفه بها، وفي أشرف المقامات، فقال: ﴿سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الاسراء:1)، وقال: ﴿وَأَنَّهُ
لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً﴾
(الجن:19)
وهذه العبودية الخالصة لله
تعالى هي العلامة على التحرر من كل القيود التي تحرم الإنسان من نعمة التواصل مع
الله، ومع الكمال المتاح له، ذلك أنها تجعله متجردا خالصا ليس فيه أي شوائب يمكن
أن يتعلق بها الشيطان أو الأهواء، ذلك أن الشيطان لا يقترب إلا ممن فيه حظ منه،
كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى
الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [النحل: 98
- 100]
ولهذا وصف الله تعالى
المتحررين من كيد الشيطان واستعماره وسلطانه بكونهم عبيدا لله، قال تعالى: ﴿إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغَاوِينَ﴾ [الحجر:
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 437