اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 408
الاحسان الشامل
كتبت إلي ـ أيها المريد
الصادق ـ تسألني عن الإحسان الذي ورد تعريفه في قوله a: (أن تعبد الله
كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك)([975])، وعن حقيقته،
ومنزلته، وكيفية التحقق به.
وجوابا على سؤالك الوجيه
أذكر لك أن الإحسان من المنازل الرفيعة التي لها علاقة بكل المكارم، بل لا تكرم
المكارم إلا بتوفره.. وهو في ذلك متمم للعدل، لأن العدل يراعي الحدود المرتبطة
بالصفات والأعمال حتى لا تنحرف عن السراط المستقيم، والإحسان هو الذي يرفع تلك
الصفات والأعمال ليملأها بالطهارة والجمال والتقدس.
وسر ذلك هو ما عبر عنه
رسول الله a في الحديث الذي أشرت إليه، ذلك أن جمال كل شيء
وكماله في علاقته بالله.. ولذلك عندما يمتلئ قلب السالك بالشعور بحضور الله تعالى
تنتقل تلك المعية من المشاعر إلى الأعمال، فتمتلئ بالحسن والجمال.
ولذلك؛ فإن الإحسان ليس
عملا من الأعمال، وإنما هو صفة من صفات الأعمال، فهي قد تؤدى بصورته البسيطة
الدنيا.. وقد تؤدى بمنتهى الإتقان والجمال، وحينها فقط يمكن أن ينطبق عليها وصف
الإحسان.
وقد اتفق الحكماء على هذا،
فاعتبروا الإحسان منزلة مرتبطة بكل المنازل، أو درجة من درجات كل المنازل، كما عبر
عن ذلك بعضهم، فقال: (الإحسان: هو ملاك جوامع مكارم الأخلاق)([976])