اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 405
وفتحوا لهم أبوابا، ووجدوا
ريحها وطيبها وقيل لهم: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِين﴾ [الحجر:46]..
اليمين والشمال مضلّة والطريق الوسطى هي الجادة عليها يأتي الكتاب وآثار النبوّة،
إن على الإمام الاستقامة، وعلى الرعية التسليم. ليس أمري وأمركم واحدا، وإني
أريدكم للّه وأنتم تريدونني لأنفسكم! وأيم الله لأنصحن للخصم، ولأنصفنّ للمظلوم..
ذمّتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم، إن من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من
المثلّات، حجزته التقوى عن تقحّم الشبهات)([963])
ولم تكن تلك التعاليم مجرد
كلمات، وإنما كانت أفعالا كلفته عداوات كثيرة.. فالمستكبرون والانتهازيون الذين
ملأوا جيوبهم من أموال المستضعفين وعرقهم لم يقبلوا منه ذلك.. فلذلك وقف في خيارات
صعبة بين إرضائهم أو إرضاء العدالة التي كلفه الله بها.. لكن تربية رسول الله a
له وضعته على السراط المستقيم، فلم يبال بكل تلك المعارضات التي عارضت ما اقتضته
العدالة.
ومن مواقفه القوية في
العدالة، رده الأمور إلى نصابها، وخاصة من أولئك الذين استغلوا ما فعله مروان أيام
عثمان من إعطاء من لا يستحق من أموال المسلمين، حيث أمر برد كل شيء إلى محله
الصحيح من غير أن يبرر ذلك بكونه قديما، وليس في عصره، وقد قال في ذلك: (ألا وإن
كل ما أقطعه عثمان من مال الله مردود إلى بيت مال المسلمين، فإن الحق قديم لا
يبطله شيء، وو الله لو وجدته تفرّق في البلدان وتزوّج به النساء وملك به الإماء،
لرددته! فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق)([964])
وكان يقول لرعيته في تلك
الفترة القصيرة التي ولي فيها، والتي كانت ممتلئة بالفتن