اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 403
بعد: فإنما أهلك الذين من
قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه
الحد، وإني ـ والذي نفسي بيده ـ لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)([957])
وفي حديث آخر: أن رسول
الله a كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر، فيخرص بينه وبين يهود
خيبر، قال: فجمعوا له حليا من حلي نسائهم، فقالوا له: هذا لك ـ يعني رشوة ـ وخفف
عنا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: (يا معشر اليهود! والله إنكم لمن
أبغض خلق الله إليّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم عليّ من
الرشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها)، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض([958]).
وعلى هذا المنهاج سار جميع
أئمة الهدى، والذين تحملوا البلاء العظيم نتيجة دعوتهم للعدالة، وفي كل المجالات،
وعلى رأسهم الإمام علي الذي امتلأت كلماته وخطبه بالحث على العدالة، وبيان
مجالاتها وحقائقها ومنزلتها.. ومن ذلك قوله: (العدل أساس به قوام العالم)، وقال:
(العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق ونصبه لإقامة الحقّ)، وقال: (حسبكم دلالة على
فضيلة العدل أن الجور الذي هو ضدّه لا يقوم إلّا به، وذلك أن اللّصوص إذا أخذوا
الأموال واقتسموها بينهم، احتاجوا إلى استعمال العدل في اقتسامهم، وإلّا أضرّ ذلك
بهم) ([959])
وكان يقول: (فاللّه عزّ
وجلّ، جعل العدل قواما للأنام، وتنزيها من المظالم والآثام، وتسنية للإسلام)،
ويقول: (عدل السلطان خير من خصب الزمان)، ويقول: (الأرض