اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 395
ووصل إلى ما طلب، فيصير عيشه
في الدنيا على الهرب، وخروجه منها على الطلب، وعاقبته إلى غاية الطرب)([943])
وقال آخر مبينا ضرورة
العدالة في كل مجالات الحياة النفسية والاجتماعية: (العدل: هو صرف ما أعطاك الله
من الآلات الجسمانية والروحانية، ومن الأموال الدنيوية، ومن شرائع الدين وأعماله في
طلب الله والسير منك به إليه، لأن صرفه في طلب غيره ظلم)([944])
وقال آخر مبينا علاقة
العدالة بالمروءة: (العدالة صفة توجب مراعاتها الاحتراز عمّا يخلّ بالمروءة عادة
ظاهرا، فالمرّة الواحدة من صغائر الهفوات، وتحريف الكلام لا تخلّ بالمروءة ظاهرا
لاحتمال الغلط والنّسيان والتّأويل، بخلاف ما إذا عرف منه ذلك وتكرّر، فيكون
الظّاهر الإخلال، ويعتبر عرف كلّ شخص وما يعتاده من لبسه، وتعاطيه للبيع، والشّراء
وحمل الأمتعة، وغير ذلك، فإذا فعل ما لا يليق به لغير ضرورة قدح وإلّا فلا)([945])
إذا عرفت هذا ـ أيها
المريد الصادق ـ فاعلم أن النصوص المقدسة حثت على التخلق بهذا الخلق، والنزول هذه
المنزل، وفي كل المقامات والمحال، ومن دون أن نستثني أحدا أو جهة أو موضوعا، قال
تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ
شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا
فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا
فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ (النساء:135)
وينهانا الله تعالى أن
نلاحظ أنفسنا وأهواءنا، ونحن نتخذ أي موقف.. فالمؤمن هو الذي سلم أمره لله، وعقله
لله، وقلبه لله، فهو يتعامل مع عباد الله كما أمر الله.. والله هو
[943]
أبو عبد الرحمن السلمي، حقائق التفسير، ص 845.
[944]
إسماعيل حقي البروسوي، تفسير روح البيان، ج 5 ص 71.