اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 357
الرجا
و الاملن اأ
كتبت إلي ـ أيها المريد
الصادق ـ تسألني عن الرجاء والأمل وحسن الظن بالله، وعلاقتهما بالنفس المطمئنة، وعلاقتهما
بالتزكية والترقية.. وكيفية انسجامهما مع الخشية والشفقة.
وجوابا على سؤالك الوجيه أذكر لك أن المتأمل في النصوص المقدسة، وقبل ذلك في
الكون والحياة، يرى المظاهر الكثيرة الدالة على الرحمة الإلهية التي تبرز في كل
حرف من حروف الكون، وفي كل حدث من أحداث الحياة، حتى تلك التي قد لا تنسجم معنا في
فترة من الفترات، لكننا بعد ذلك نكتشف أنها كانت في مصلحتنا.
ولذلك
كان الرجاء في الله تعالى، وحسن الظن به، والأمل العظيم فيه، دليلا على المعرفة
الحقيقية بالله، والتي تنسجم مع القرآن الناطق والصامت، أو مع كلمات الله التي
بثها في أكوانه، وكلماته التي أنزلها على رسله.
ولهذا
كان القرآن الكريم أعظم بشارة للإنسان، كما صرح بذلك قوله تعالى: ﴿تِلْكَ
آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
[النمل: 1، 2]
فالآيتان
الكريمتان تعرفان القرآن الكريم بأمرين مهمين: أحدهما: الهداية والدلالة على حقائق
الوجود والقيم المرتبطة بها، والثاني البشارة التي تتضمنها تلك الهداية، وهذا يعني
أن البشارة مرتبطة بالهداية، ولذلك جاء بعدها وصف المؤمنين الذين يستحقون تلك
البشارة بقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [النمل: 3]
ثم
عقبها الله تعالى بوصف الذين لم يقبلوا الهداية، وبيان عدم استحقاقهم للبشارة،
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 357