responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 350

أ من سني الدّنيا، أم من سني الآخرة؟ عن كبر ساعة واحدة.. فمن ذا بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل معصيته؟ كلّا، ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، إنّ حكمه في أهل السّماء وأهل الأرض لواحد، وما بين اللّه وبين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرّمه على العالمين)([833])

ولذلك وصف الله تعالى العلماء بالخشية، وهو دليل على أن كمال علمهم ومعرفتهم هي التي جعلتهم كذلك، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]

وقد قال الإمام السجاد في معناها: (ما العلم بالله والعمل إلا إلفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه، وحثه الخوف على العمل بطاعة الله، وإنّ أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه، وقد قال الله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾)([834])

و قال بعض الحكماء في سر ذلك: (الخشية أخصّ من الخوف، فإنّ الخشية للعلماء بالله تعالى، فهي خوف مقرون بمعرفة.. فالخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض وسكون؛ فالخوف لعامّة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين، والهيبة للمحبّين، والوجل للمقرّبين، وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الخشية.. فصاحب الخوف يلتجأ إلى الهرب والإمساك، وصاحب الخشية يلتجأ إلى الاعتصام بالعلم، ومثلهما كمثل من لا علم له بالطّبّ ومثل الطّبيب الحاذق فالأوّل يلتجى‌ء إلى الحمية والهرب، والطّبيب يلتجى‌ء إلى معرفته بالأدوية والأدواء. وكلّ واحد إذا خفته هربت منه، إلّا الله، فإنّك إذا خفته هربت إليه فالخائف هارب من ربّه إلى ربّه)‌([835])


[833] نهج البلاغة: خطبة 192.

[834] بحار الأنوار: 67/344، والكافي 8/16.

[835] انظر بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي(2/ 544 ـ 546)، ودليل الفالحين لابن علان(2/ 367)

اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست