وبناء على هذا وغيره اتفق
الحكماء على أن المسكنة شرط من شروط التزكية والترقية، وقد قال بعضهم في تعريفها: (المساكين
هم أهل السكون مع الله، والرجوع في كل الأحوال إليه)([819])
وقال آخر: (المسكين هو من
لا يرضى بغير مولاه، لا إلى الدنيا يلتفت، ولا بالآخرة يشتغل، ولا بغير مولاه
يكتفي.. والمسكين هو الذي أسكنه حاله بباب مقصوده لا يبرح عن سُدَّته، فهو معتكف
بقلبه لا يغفل لحظة عن ربه)([820])
وقال آخر: (المسكين هو
السر، لقرب انقياده تحت حكم الروح وذلته تحت عزته)([821])
وقال آخر: (المسكين: هو
عين المسلم المفوض أمره إلى الله عن غير اختيار منه، بل الكشف أعطاه ذلك، ولهذا
ألحقناه بالميت. فالمسكين كالأرض التي جعلها الله لنا ذلولاً، فمن ذل ذلة ذاتية
تحت عز كل عزيز كان من كان، فذلك المسكين)([822])
ومن المفردات التي ورد
التعبير فيها عن هذا المعنى في القرآن الكريم [الإخبات]، وهي تدل على (الرقة
والخشية والخشوع في القلب وطول التفكر وطول الصمت، وهذا من نتائج الإيمان)([823])
كما أنها تدل ـ كما يذكر
بعض الحكماء ـ على (التخشع لله بالقلب بدوام الانكسار)([824])