اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 343
بحوله وقوّته)
وقال آخر: (من أراد أن
يمده الله بالعز الذي لا يفنى فليتحقق بالذل لله والتواضع بين خلقه، فمن تواضع دون
قدره رفعه الله فوق قدره، ومن أراد أن يمده الله بالقدرة الخارقة للعوائد فليتحقق
بعجزه، ويتبرأ من حوله وقوته، ومن أراد أن يمده الله بالقوة على طاعة مولاه
ومجاهدة نفسه وهواه فليتحقق بضعفه، ويسند أمره إلى سيده، فبقدر ما تعطي تأخذ،
وبقدر ما تتخلق تتحقق، وبقدر ما تتحقق بوصفك يمدك بوصفه) ([810])
وقال آخر مبينا قيمة
الانكسار والمذلة لله تعالى، ودورها في التزكية والترقية: (إن الله تعالى لا يكون
عندك حتى تنكسر جملة هواك وإراداتك، فإذا انكسرت ولم يثبت فيك شيء ولم يصلح فيك
شيء أنشأك الله فجعل فيك إرادة فتريد بتلك الإرادة، فإذا صرت في تلك الإرادة
والمنشأة فيك، كسرها الرب تعالى بوجودك فيها، فتكون منكسر القلب أبداً، فهو لا
يزال يجدد فيك إرادة ثم يزيلها عند وجودك فيها، هكذا إلى أن يبلغ الكتاب أجله
فيحصل اللقاء) ([811])
ولهذا
اتفقوا على أن هذه الحالة النفسية التي تعتري السالك أفضل من الشعائر التعبدية
نفسها، وقد قال بعضهم في ذلك: (إن إذلال النفس لأحكام الله تعالى أفضل من الصلاة
والصيام) ([812])
وقال آخر: (التنافس في العلو من موجبات
انقطاع الألفة، كما أن التنافس في الذل من أقوى موجبات الألفة) ([813])