اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 33
ثم ذكر الفروق بين هذه
المراتب، وسرها؛ فقال: (الشريعة أن تعبده، والطريقة أن تقصده والحقيقة أن تشهده،
أو تقول: الشريعة لإصلاح الظواهر، والطريقة لإصلاح الضمائر، والحقيقة لإصلاح
السرائر)
وهذا لا يعني ـ أيها
المريد الصادق ـ أن درجات الأعمال تتوقف على الثلاث التي ذكرها؛ فالأمر أكبر من
ذلك، وقد قال الله تعالى عن درجات الآخرة التي جعلها صورة لدرجات الأعمال في
الدنيا: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 21]
وهكذا يقسم الحكماء
الأعمال بحسب درجات صاحبها، فيذكرون أن (الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم
الخصوص، وصوم خصوص الخصوص.. أما صوم العموم: فهو الكف عن قضاء الشهوة.. وأما صوم
الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام.. وأما
صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى
اللَّه عز وجل بالكلية) ([40])
ثم يذكر أن انتهاك كل صوم
بحسب درجة صاحبه، والذي يبدأ بالأكل والشرب، وهو صوم العموم، وينتهي (بالفكر فيما
سوى اللَّه عز وجل واليوم الآخر، وبالفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين، فان ذلك
من زاد الآخرة وليس من الدنيا)، وهو صوم خصوص الخصوص من أصحاب النفوس المطمئنة.
وهكذا يذكرون أن (للذكر
ثلاثة مقامات: ذكر باللسان، وهو ذكر عامة الخلق، وذكر بالقلب، وهو ذكر خواص
المؤمنين، وذكر بالروح، وهو لخاصة الخاصة، وهو ذكر