اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 32
لتلك المنازل والمقامات.
والأمر في ذلك يشبه شخصا
يملك قصرا من القصور؛ فهو كلما ورد عليه مال جديد، أضاف لقصره متاعا جديدا، يزيده
جمالا ورونقا.
وهكذا الأمر بالنسبة لتلك
الصفات التي ذكرتها لك؛ فإنها ليست على درجة واحدة.. بل لها درجات كثيرة..
وقد أشار إلى ذلك قوله a
عند حديثه عن منزلة الصدق، حيث قال: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر والبر
يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا)([38])
فهذا الحديث يشير إلى أن
الصدق درجات كثيرة، إلى أن يصل صاحبها إلى مرتبة الصديقية.. والتي تترقى هي الأخرى
إلى مراتب في الكمال لا يعلمها إلا الله.
بل إن الله تعالى أشار إلى
ذلك في قوله: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ
تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: 17]، فهو يشير إلى أن الهداية تثمر المزيد من
الهداية.. ولهذا كلما ارتقى المؤمن درجة رفعه الله تعالى بكرمه إلى درجة أخرى،
وهكذا إلى ما لا نهاية.
ولهذا يذكر الحكماء
الدرجات المختلفة للأعمال بحسب مراتب العاملين فيها، ومن ذلك قول بعضهم: (الأعمال
الصالحة على ثلاثة أقسام: عمل الشريعة، وعمل الطريقة، وعمل الحقيقة.. أو تقول: عمل
الإسلام، وعمل الإيمان، وعمل الإحسان، أو تقول: عمل العبادة، وعمل العبودية، وعمل
العبودة أي الحرية.. أو تقول: عمل أهل البداية، وعمل أهل التوسط، وعمل أهل
النهاية) ([39])