اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 31
يذهب اليأس والقنوط من القلوب،
ومن جهة ثالثة فإنّه يلوي الغرور ويكسر الغفلة في النفوس.. نعم، إنّه سبحانه له في
كلّ يوم شأن وعمل) ([35])
وهو ما يشير إليه ذلك
الدعاء المعروف الذي يقوله في صاحبه: (إلهي قد علمتُ باختلاف الآثار، وتنقّلات
الأطوار، أنّ مرادك منّي أن تتعرّف إليّ في كلّ شيء؛ حتّى لا أجهلك في شيء)
وقد قال بعض الحكماء معبرا
عن هذا المعنى وسره: (اعلم أن الإيمان على ثلاثة أقسام: إيمان لا يزيد ولا ينقص،
وهو إيمان الملائكة([36])، وإيمان يزيد
وينقص، وهو إيمان عامة المسلمين، وإيمان يزيد ولا ينقص وهو إيمان الأنبياء والرسل،
ومن كان على قدمهم من العارفين الروحانيين الراسخين في علم اليقين، ومن تعلق بهم
من المريدين السائرين، فهؤلاء إيمانهم دائما فى الزيادة، وأرواحهم دائما فى الترقي
فى المعرفة، يزيدون بالطاعة وينقصون بالمعصية؛ لتيقظهم وكمال توحيدهم) ([37])
وإن شئت تقريبا لهذا
المعنى ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن النفس المطمئنة تشبه ذلك التلميذ الصادق
الذي استطاع أن يظفر برعاية خاصة من أساتذته؛ فلذلك صاروا يمنحونه الفرص كل حين
ليستفيد من كل العلوم والمعارف.. وبذلك تزداد معارفه وكمالاته كل حين.
والأمر ليس مرتبطا
بالمعارف فقط.. بل بتلك المنازل والمقامات والأحوال التي ذكرتها.. ذلك أن كل معرفة
جديدة تكسب قيما جديدة.. وكل قيم جديدة تعطي أعماقا أكبر