اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 319
وعنه
أن امرأة جاءت النبي a ببردة منسوجة فيها حاشيتها، قال سهل: أتدرون ما البردة؟ قالوا:
الشملة، قال: نعم، قالت: نسجتها بيدي لأكسوكها فخذها، فأخذها النبي a محتاجا إليها، فخرج إلينا
وإنها لإزاره فقال الأعرابي: يا رسول الله بأبي أنت وأمي هبها لي، فقال: (نعم)،
فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع فطواها فأرسل بها إليه، ثم سأله، وعلم أنه لا
يسأل شيئا فيمنعه، قال: والله إني ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، رجوت
بركتها حين لبسها رسول الله a، قال سهل: فكانت كفنه([725]).
وعن
هارون بن أبان قال: قدم للنبي a سبعون ألف درهم، وهو أكثر مال أتي به قط، فوضع على حصير
من المسجد، ثم قام بنفسه، فما رد سائلا، حتى فرغ منه
([726]).
ومن
تلك المنابع الطاهرة التي تملأ النفس استعدادا للتخلق بهذا الخلق العظيم حب الورثة
الذين تضمخت أرواحهم بعطر النبوة، ولم يخلطوا معها غيرها؛ فكلهم أشاد بالكرم ودعا
إليه، وقد ذكرت لك في رسائل سابقة بعض ذلك، ومنها قول الإمام علي: (سادة الناس في الدنيا الأسخياء
وفي الآخرة الاتقياء) ([727])
وقال
الإمام الصادق: (خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومِنْ صالح الأعمال: البرّ
بالإخوان، والسعي في حوائجهم، وذلك مرغمة للشيطان، وتزحزحٌ عن النيران، ودخول
الجنان)([728])
وقال:
(السخاء أن تسخو نفس العبد عن الحرام أنْ تطلبه، فإذا ظفر بالحلال طابت
[725]
رواه البخاري، وابن ماجه، وابن سعد، والطبراني، والإسماعيلي والنسائي، زاد
الطبراني: وأمر النبي r أن يصنع له غيرها،
فمات قبل أن تنزع.