اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 288
وأذاهم عليها ومن لايصبر على جفاء
الخلق لايصل إلى رضا الله تعالى، لان رضى الله مشوب بجفاء الخلق) ([623])
وهكذا وصف منابع العفو المعرفية، فقال:
(العفو عند القدرة من سنن المرسلين والمتقين وتفسير العفو أن لاتلزم صاحبك فيما
أجرم ظاهرا وتنسى من الاصل ما اصبت منه باطنا، وتزيد على الاختيارات إحسانا ولن
يجد إلى ذلك سبيلا إلا من قد عفى الله عنه، وغفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر، وزينه
بكرامته، وألبسه من نور بهائه، لان العفو والغفران صفتان من صفات الله عزوجل أو
دعهما في أسرار أصفيائه، ليتخلقوا مع الخلق بأخلاق خالقهم، وجعلهم كذلك قال الله
عز وجل: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ
اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 22]، ومن لايعفو عن بشر
مثله كيف يرجو عفو ملك جبار)
ثم روى عن رسول الله a قوله ـ حاكيا
عن ربه يأمره بهذه الخصال ـ: (صل من قطعك، واعف عمن ظلمك، وأعط من حرمك، وأحسن إلى
من أساء إليك) ([624])
ثم قال: (العفو سر الله في القلوب قلوب
خواصه ممن يسرله سره، وكان رسول الله a يقول: أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم،
قالوا: يارسول الله وما أبوضمضم؟ قال: رجل كان ممن قبلكم كان إذا أصبح يقول: اللهم
إني أتصدق بعرضي على الناس عامة) ([625])
وذكر الإمام الباقر دور اللين والعفو
في الترقي في مراتب المعرفة، وتوقي الانحطاط، فقال: (مَنْ كظم غيظاً وهو يقدر على
إمضائه، حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة، ومَنْ