اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 289
ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب،
حرّم الله جسده على النار)([626])
ويروى أن الإمام علي سمع رجلا يشتم
قنبرا، وقد رام قنبر أنْ يردّ عليه، فناداه الإمام علي: (مهلا يا قنبر..دع شاتمك
مُهانا: تُرضي الرحمن، وتُسخط الشيطان، وتُعاقب عدوك.. فو الذي فلق الحبة وبرأ
النسمة، ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عُوقب
الأحمق بمثل السكوت عنه)([627])
وقال: (متى أشفي غيظي إذا غضبت: أحين
أعجز عن الانتقام، فيُقال لي: لو صبرت؟.. أم حين أقدر عليه فيُقال لي: لو غفرت؟)([628])
ويروى عن الإمام الكاظم أنه أحضر وُلْدَه
يوماً فقال لهم: (يا بنيَّ.. إني موصيكم بوصيّة فمَنْ حفظها لم يَضِعْ معها: إن
أتاكم آت فأسمعكم في الأذن اليمنى مكروها، ثم تحوّل إلى الأذن اليسرى فاعتذر وقال:
لم أقل شيئا، فاقبلوا عذره)([629])
هذا جوابي على سؤالك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن
تعمر نفسك بالحقائق، وتذوقها؛ فهي وحدها من يطهر نفسك من كل الصفات التي تجعلها
قاسية غليظة صعبة..
واعلم أنك لن تطمئن في الدنيا والآخرة إلا بذلك.. فلا
راحة ولا سعادة ولا فوز إلا للهينين اللينين الممتلئين بالسهولة، أولئك الذين
سلموا أنفسهم للحق، فكساهم الله من أنواره ما ملأهم هدوءا ولينا وطمأنينة.....