اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 254
بالسكوت، إنّما ذلك كلّه بالكلام، ما
كنت لأعدل القمر بالشمس، إنّك تصف فضل السكوت بالكلام، ولست تصف فضل الكلام
بالسكوت)([551])
وهو في هذا يرد على أولئك الذين راحوا
يضعون الحجارة في أفواههم ليمنعوها من الحديث، غافلين عن أن المثالب والعقوبات
المرتبطة بالصمت، لاتقل عن المثالب والعقوبات المرتبطة بالكلام.
وهكذا بين الإمام علي أهمية الكلام
وضرورته، والموازين التي تحكم بين الصمت والكلام، فقال: (جُمع الخير كلّه في ثلاث
خصال: (النظر، والسكوت، والكلام، فكلُّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكلُّ سكوت
ليس فيه فكر فهو غفلة، وكلُّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبراً،
وسكوته فكراً، وكلامه ذكراً، وبكى على خطيئته، وآمن الناس شرّه)([552])
ويروى أنه مرّ برجل يتكلّم بفضول
الكلام، فوقف عليه، ثمّ قال: (يا هذا..إنّك تُملي على حافظيك كتاباً إلى ربّك،
فتكلّم بما يعنيك ودَعْ ما لا يعنيك)([553])
وقال: (الكلام في وثاقك ما لم تتكّلم
به، فإذا تكلّمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك، فربّ كلمة
سلبت نعمة ولا تقل ما لا تعلم، فإنّ الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلّها فرائض
يحتجّ بها عليك يوم القيامة.. هانت عليه