اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 203
بعضهم بقوله: (الإرادة: حلية
العوام، وهي تجريد القصد إلى الله تعالى، وجزم النية والجد في الطلب له، وذلك في
طريق الخواص نقص وتفرق ورجوع إلى الأسباب والنفس، فإن إرادة العبد عين حظه وهو رأس
الدعوى. وإنما يراد بالعبد من الله لا فيما يريد، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ
يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس: 107]، فيكون مراده ما
يراد به مما ورد في الشرع بإرادته واختياره ما يختار له بالشرع، إذ لا اختيار
للعبد مع ربه وسيده، ولا إرادة له مع إرادته)([425])
أما كيفية التحقق بها، فقد
أشار إلى مجامعها الإمام الصادق، فقال:
(أُوصيك بتسعة أشياء
فإنّها وصيّتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى، والله أسأل أن يوفّقك لاستعماله،
ثلاثةٌ منها في رياضة النفس، وثلاثةٌ منها في الحلم، وثلاثةٌ منها في العلم،
فاحفظها وإيّاك والتهاون بها، أمّا اللّواتي في الرياضة: فإيّاك أن تأكل مالا
تشتهيه فإنّه يورث الحماقة والبله، ولا تأكل إلّا عند الجوع، وإذا أكلت فكل حلالاً
وسمّ الله، واذكر حديث الرسول a: ماملأ آدميٌّ وعاءاً
شرّاً من بطنه فإن كان ولابدّ فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه وثلثٌ لنفسه.. وأمّا
اللّواتي في الحلم: فمن قال لك: إن قلت واحدةً سمعت عشراً فقل: إن قلت عشراً لم
تسمع واحدةً، ومن شتمك فقل له: إن كنت صادقاً فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي،
وإن كنت كاذباً فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك، ومن وعدك بالخنى فعده بالنصيحة
والرعاء.. وأمّا اللّواتي في العلم: فاسأل العلماء ماجهلت، وإيّاك أن تسألهم
تعنّتاً وتجربةً وإيّاك أن تعمل برأيك شيئاً، وخذ بالاحتياط في جميع ماتجد إليه
سبيلاً، واهرب من الفتيا هربك من الأسد، ولاتجعل رقبتك للناس جسراً) ([426])