اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 184
الصدق الخالص
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن الصدق الخالص، وحقيقته، ومنزلته، ودرجاته،
وكيفية التحقق به.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن الصدق من المنازل الضرورية للنفس المطمئنة، وبقدر
ترسخه فيها تكون درجتها ومرتبتها في سلم الكمال الإنساني، وخلوها منه، أو من بعضه
دليل على تسلط الأهواء والشياطين عليها، كما ذكرت لك ذلك في رسائلي عن مثالب النفس
الأمارة.
وهو
في حقيقته يعني المطابقة التامة للواقع، وفي كل شيء.. ولذلك كان الصادق الحقيقي هو
الذي لا ينحرف عن حقيقته قيد أنملة.. فإن تعدى حقيقته بادعاء حقيقة أخرى، فإنه
يعتبر كاذبا في تلك الدعوى.
وبما
أن حقيقة الإنسان ليست سوى عبوديته لله؛ فإن تخلفه عن هذه العبودية في أي سلوك أو
موقف؛ أو بأي دعوى من الدعاوى، يعني تخلفه عن الصدق، وتحول المدعي بموجبه إلى كاذب
ومفتر.
ولهذا
اتفق كل الحكماء على شمول الصدق لكل التصرفات القولية والفعلية والوجدانية وغيرها،
وعدم انحصاره فيما اُشتهر فيه من الصدق في الأقوال وحدها.
وقد اختلفت تعبيراتهم في
ذلك، وكلها تؤول إلى ما ذكرت لك.. ومن أمثلتها قول بعضهم: (الصدق على ثلاثة أقسام
هي: صدق العام: وهو في الأقوال.. وصدق الخاص: وهو في الأفعال.. وصدق الأخص: في
الأحوال)([368])