اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 167
يشهد
عليه، ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله عزّ وجلّ تخلية سبيلها بيده، ورجل يقعد
في بيته ويقول: يا رب ارزقني، ولا يخرج ولا يطلب الرزق، فيقول الله عزّ وجلّ له:
عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والتصرف في الأرض، بجوارح صحيحة، فتكون قد
أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري، ولكيلا تكون كلا على أهلك، فإن شئت
رزقتك، وإن شئت قترت عليك، وأنت معذور عندي، ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم
أقبل يدعو: يا رب ارزقني، فيقول الله عزّ وجلّ: ألم أرزقك رزقا واسعا، فهلا اقتصدت
فيه كما أمرتك، ولم تسرف، وقد نهيتك عن الاسراف؟ ورجل يدعو في قطيعة رحم)
([327])
ولهذا
حذر أئمة الهدى من تلك الظاهرة التي وقعت في المجتمعات الإسلامية نتيجة التأثر
برهبان النصارى وغيرهم، حيث أصبح التدين مرتبطا بالقعود عن الرزق، انتظارا لفضل
الله، فقد روي عن الإمام الصادق أنه سئل عن رجل قيل له: أصابته الحاجة، فقال: فما
يصنع اليوم؟ قيل: في البيت يعبد ربه، قال: فمن أين قوته؟ قيل: من عند بعض إخوانه،
فقال: (والله للذي يقوته أشد عبادة منه) ([328])
وقال:
(لا تَدَع طلب الرزق من حلّه، فإنّه عون لك على دينك، واعقل راحلتك وتوكّل)([329])
وقد اتفق على هذا كل
الحكماء، واعتبروا خلافه خلافا للسنة، وقد قال بعضهم في ذلك: (قد يظن أن معنى
التوكل ترك الكسب بالبدن وترك التدبير بالقلب والسقوط على الأرض كالخرقة الملقاة،
وكاللحم على الوضم، وهذا ظن الجهال، فإن ذلك حرام في الشرع،