اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 141
وقد
جمع هذه المعاني بعض الحكماء، فقال: (الرضا بالحق، والرضا له، والرضا عنه.. فالرضا به: مدبراً
ومختاراً.. والرضا عنه: قاسماً ومعطياً.. والرضا له: إلهاً ورباً)([285])
وقال آخر: (الرضا على
قسمين: رضا به، ورضا عنه.. فالرضا به: مُدَبِّراً، والرضا عنه: فيما يقتضي حاكماً
وفاصلاً)([286])
وإياك ـ أيها المريد
الصادق ـ بعد هذا أن تقع فيما وقع فيه بعض من أعرض عن النصوص المقدسة، وأئمة
الهدى؛ فراح يضع للرضا مجالات لا تتفق مع العقل، ولا مع الفطرة، ولا مع عدالة
الله، ولا مع رحمته، ولا مع التزكية السليمة وفق السراط المستقيم.
ومن الأمثلة على ذلك قوله
بعضهم: (الرضا: هو أن لا تسأل الله الجنة، ولا تعوذ به من النار)([287])
فهذا مخالف للنصوص المقدسة
الكثيرة الدالة على أن المؤمنين يطلبون من الله تعالى الجنة، وبإلحاح شديد، ومنها
قوله a في الدعاء المشهور، والذي كان يعلمه لأصحابه: (اللهم
إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر
كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك
ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها
من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل
قضاء قضيته لي خيرا) ([288])
[285]
نجم الدين داية الرازي، منار السائرين ومطار الطائرين، ص 75.