اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 111
تصل إلى القلب.
وقد عبر بعضهم عن ذلك، فقال: (إنّ من خلق الله تعالى خلقا ما
يشغلهم الجنان وما فيها من النعيم عنه فكيف يشتغلون عنه بالدّنيا)
وقال آخر: (المؤمن إذا عرف ربه عز وجل أحبه، وإذا أحبه أقبل
إليه، وإذا وجد حلاوة الإقبال إليه لم ينظر إلى الدنيا بعين الشهوة، ولم ينظر إلى
الآخرة بعين الفترة، وهي تحسره في الدنيا وتروحه في الآخرة)
وقال آخر: (مثقال خردلة من الحبّ أحبّ إلى الله من عبادة سبعين
سنة بلا حبّ)
وقال مخاطبا ربه:(إلهي إنّي مقيم بفنائك، مشغول بثنائك صغيرا
أخذتني إليك وسربلتني بقربك، وشرّفتني بمعرفتك، وأمكنتني من لطفك، ونقلتني في
الأحوال، وقلبتني في الأعمال سترا وتوبة وزهدا وشوقا ورضا وحبّا فسقيتني من حياضك
ونعّمتني في رياضك ملازما لأمرك ومشعوفا بقولك ولما طرّ شاربي ولاح طائلي فكيف
أنصرف اليوم عنك كبيرا وقد اعتدت هذا منك صغيرا فلي ما بقيت حولك زمزمة وبالضراعة
إليك همهمة، لأنّي احبّك وكلّ حبيب بحبيبه مشعوف، وعن غير حبيبه مصروف)
إذا عرفت هذا ـ أيها
المريد الصادق ـ فاعلم أن المحبة المقدسة المقصودة في هذه النصوص ليس ما يتوهمه
الناس من ادعائهم محبة الله، مع الانشغال التام عنه، وعن ذكره وطاعته.. فذلك مجرد
دعوى، وليس كل دعوى بصادقة، ولذلك قال بعض الحكماء: (إذا قيل لك أ تحب اللَّه
تعالى فاسكت، فإنك إن قلت لا كفرت، وإن قلت نعم فليس وصفك وصف المحبين، فاحذر
المقت)
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 111