اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 105
وقد
روي أن رجلا سأل بعض الصالحين عن كثرة مجاهداته في الله، وقال له: (أخبرني أي شيء
هاجك إلى العبادة والانقطاع عن الخلق؟) فسكت، فقال: ذكر الموت، فقال: وأي شيء
الموت؟ فقال: ذكر القبر والبرزخ، فقال: وأي شيء القبر؟ فقال: خوف النار ورجاء
الجنة، فقال: (وأي شيء هذا؟ إن ملكاً هذا كله بيده إن أحببته أنساك جميع ذلك وإن
كانت بينك وبينه معرفة كفاك جميع هذا)
وقال
آخر متأسفا على الغافلين وتفريطهم في جنب الله: (مساكين أهل الدنيا خرجوا من
الدنيا ولم يذوقوا طيب نعيمها) فقيل له: (وما هو؟) فيقول: (محبة الله والأنس به
والشوق إلى لقائه)
وإن
شئت ـ أيها المريد الصادق ـ أن تعرف آثار هذا النوع السامي من الذوق على أصحابه؛
فطالع تلك الأشعار التي عبروا بها عن أحوالهم.
فقد
عبر عن ذلك بعضهم، وهو يقارن بين تلك اللذات التي كان يجدها في نعيم الدنيا مع
نعيم التواصل مع الله، فقال ـ مقارنا بين حاله قبل التعرف على الله وبعدهاـ:
كانت لقلبي أهواءٌ مفرّقة
***
***
فاستجمعَتْ مذْ راءَتك العين
أهوائي
فصار يحسدني من كنت احسده
***
***
وصرتُ مولى الورى مُذْ صرتَ مولائي
ما لامني فيك أحبابي وأعدائي
***
***
إلّا لغفلتهم عن عظم بلوائي