فلو عاين الرهبان سرعة بعثه
***
***
لصلوا له مثل المسيح وأكثرا
وإياك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تفهم
من هذه الكلمات ظواهرها؛ فهم لا يريدون بالخمرة تلك التي حرمتها الشريعة، وإنما
يقصدون بها تلك النشوة الروحية التي لم يجدوا تعبيرا مقربا لائقا بها مثل هذه
اللفظة، وكأنهم يقولون لمن سكروا بخمر الدنيا: (إن نشوة تلك الخمرة لا تساوي شيئا
أما النشوة التي يجدها المتواصلون مع الله) ([207])
هذا
جوابي على أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تعيش هذه الأذواق،
[206] محمد أبو المواهب
الشاذلي، قوانين حكم الإشراق، ص 92
[207] وقد قال القشيري
معبرا عن هذا المعنى: (من جملة ما يجري في كلامهم الذوق والشرب، ويعبرون بذلك عما
يجدونه من ثمرات التجلي ونتائج الكشوف وبوادر الواردات.. وأول ذلك الذوق ثم الشرب
ثم الري.. فصفاء معاملاتهم يوجب لهم ذوق المعاني ووفاء منازلاتهم يوجب لهم الشرب،
ودوام مواصلاتهم يقتضي لهم الري.. فصاحب الذوق متساكر، وصاحب الشرب سكران، وصاحب
الري صاح، ومن قوي حبه تسرمد شربه، فإذا دامت به تلك الصفة لم يورثه الشرب سكراً،
فكان صاحياً بالحق فانياً عن كل حظ) [الرسالة القشيرية، ص 65]
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 106