وغيرها
من الآيات الكريمة التي تدعو العقلاء إلى المقارنة بين ذلك النعيم الباقي الخالد
الخالي من كل الغصص بنعيم الدنيا الفاني الممتلئ بكل أنواع الكدر، كما عبر عن ذلك
بعضهم، فقال: (لو أن الدنيا من أولها إلى آخرها أوتيها رجل، ثم جاءه الموت: لكان
بمنزلة من رأى في منامه ما يسره. ثم استيقظ فإذا ليس في يده شيء)
وقال
آخر: (نعيم الدنيا بحذافيره في جنب نعيم الآخرة: أقل من ذرة في جنب جبال الدنيا)
فإذا
استشعر المريد الصادق هذه المعاني، وامتلأ بها قلبه هان عليه بذل نفسه وجهده في
سبيل تحصيل كل ذلك الجزاء العظيم الذي أعده الله تعالى للصالحين من عباده.
فإذا
استمر على هذا الطريق، رزقه الله تعالى ـ بفضله وكرمه ـ لذة أعظم وأكبر، وهي لذة
التواصل مع الله تعالى، والتي قد تشغله عن كل أنواع النعيم.. ذلك أن من عرف الله،
وأحبه، وأنس به، لم يعد له شعور بأي شيء آخر.. وهل يمكن مقارنة الجنة بربها.. وهل
يمكن مقارنة نعيم التواصل مع الله بأي نعيم آخر.
ولهذا
كان رسول الله a يشتاق للصلاة، ويقول لبلال: (أرحنا بها يا بلال) ([204])،
وكان يعتبر الصلاة قرة عينه([205]).
[205] أما تلك الزيادة
الواردة: (حبب إلي من دنياكم النساء)، فأرى أنها موضوعة، فرسول الله a هو سيد الزاهدين، وأعظم الزهد الزهد في هذا الجانب، وقد طبقه رسول
الله a في أحسن صوره كما
شرحنا ذلك بتفصيل في كتاب [النبي المعصوم]
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 104