اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102
تعالى
عن تأثير نظرهن إلى يوسف عليه السلام فيهن، فقال: ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ
أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً
إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ (يوسف: 31)
وأول تلك الدرجات التي
يجدها السالكون ذلك الفرح الذي يجدونه في نفوسهم عندما يطالعون الفضل الإلهي
المرتبط بالأعمال الصالحة.. فيهون على جوارحهم تحمل مشقتها، انتظارا لثوابها وفضلها.
ومما يروى في هذا أن امرأة
صالحة قطع أصبعها، فضحكت، فقيل لها: يقطع أصبعك فتضحكين، فقالت: (أحدثك على قدر
عقلك: حلاوة أجرها أنستني مرارة قطعها)
وكانت أخرى تقول عندما
تشاهد حالها وفقرها: (إلهي سلبتني، أجعتني وأجعت أولادي وأعريتني وأعريت أولادي، وقديماً
كنت تفعل هذا بأنبيائك وأوليائك وعبادك الصالحين، فبأي خصلة من خصال الخير تقربت
بها إليك يا مولاي فقبلتها مني حتى أداوم عليها؟)
وهذا يدل على أن ملاحظة
الجزاء الذي أعده الله تعالى للمبتلين الصابرين هو الذي جعل تلك النفوس لا تكتفي
فقط بالحسرة والجرع على ما حل بها، وإنما تستبدله بالفرح، لعلمها بالعوض الإلهي عن
تلك الآلام، والذي لا يمكن مقارنته بأي عوض آخر.
ولهذا؛
فإن الصادقين من المريدين يشعرون بتلك النصوص المقدسة، وهي تشجعهم على السير في
طريق الله، وتحمل كل المشاق في سبيلها.
وكيف
لا يفعلون ذلك، وهم يرون أهل الدنيا، يمارسون كل أنواع المجاهدات من أجل الظفر
ببعض الجوائز المحدودة البسيطة الفانية، والتي قد يخسرونها في آخر لحظة، ولا
ينالون منها شيئا.
وكيف
لا يفعلون ذلك، وهم يرون البشر يلهثون وراء ما يسمونه عملة صعبة.. وقد
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102