responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 101

وقال آخر: (ليس في الدّنيا ولا في الآخرة أطيب عيشا من العارفين بالله تعالى، فإنّ العارف به مستأنس به في خلوته، فإن عمّت نعمة علم من أهداها، وإن مرّ مرّ حلا مذاقه في فيه لمعرفته بالمبتلي، وإن سأل فتعوّق مقصوده، صار مراده ما جرى به القدر، علما منه بالمصلحة، بعد يقينه بالحكمة، وثقته بحسن التّدبير) ([201])

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن لذلك الذوق الرفيع درجات كثيرة، تختلف باختلاف المرتبة التي وصل إليها السالك؛ فبقدر تعمقه في السير تكون لذته وفرحه وسروره.

أو بقدر درجته في السلوك وتفانيه فيه يكون نوع الطعام الروحي المقدم له، كما أشار إلى ذلك قوله a عندما سئل عن سبب مواصلته للصوم، مع نهي غيره عنه، فقال: (إني لست مثلكم، إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني) ([202])

وقد رد بعضهم على الفهم الخاطئ لهذا الحديث، فقال: (وقد غلظ حجاب من ظن أن هذا طعام وشراب حسّي للفم، ولو كان كما ظنه هذا الظان لما كان صائما، فضلا عن أن يكون مواصلا. ولما صح جوابه بقوله (إني لست كهيئتكم)، فأجاب بالفرق بينه وبينهم.. ولو كان يأكل ويشرب بفيه الكريم حسا، لكان الجواب أن يقول: وأنا لست أواصل أيضا؛ فلما أقرهم على قولهم (إنك تواصل) علم أنه a كان يمسك عن الطعام والشراب، ويكتفي بذلك الطعام والشراب العالي الروحاني، الذي يغني عن الطعام والشراب المشترك الحسي)

ولهذا؛ فإن الواصل إلى تلك الدرجات الرفيعة التي أخبر عنها رسول الله a قد يغفل عن كل شيء، حتى عن أكله وشربه وحياته.. مثلما حصل لأولئك النسوة اللاتي أخبر الله


[201] صيد الخاطر ص 158.

[202] مسلم (1103) (58)

اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست