اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 357
خارج وهو الحواس، وباب إلى الملكوت
من داخل القلب وهو باب الإلهام والنفث في الروع والوحي، فإذا أقربهما جميعا لم
يمكنه أن يحصر العلوم في التعلم ومباشرة الأسباب المألوفة، بل يجوز أن تكون
المجاهدة سبيل إليه فهذا ما ينبه على حقيقة ما ذكرناه من عجيب تردد القلب بين عالم
الشهادة وعالم الملكوت) ([411])
ولعل ما ذكره كل هؤلاء يفسر بدقة ما
ورد في الحديث عن جابر بن عبد الله قال: (كنا مع النبي a فارتفعت ريح منتنة، فقال: (أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون
المؤمنين)([412])
هذا جوابي على أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن ترحل من الملك إلى
الملكوت، لتزداد إيمانا ويقينا، وترى من صنع الله وكماله وجماله ما لا يمكن لهذا
العالم المحدود الذي تراه أن يعوضه، وكيف يعوضه، وهو لا يساوي أمامه شيئا.
ذلك أن الرؤية الملكوتية مقارنة بالرؤية الملكية تشبه رؤية الخبراء
العلماء في المجالات المختلفة للكون مقارنة برؤية العوام البسطاء..
فهل يمكن للعامي البسيط أن يدرك ضخامة الكون التي يدركها الفلكي.. أو
يدرك أسرار الذرة التي يدركها الكيميائي أو الفيزيائي.. فهكذا الأمر في التطلع إلى
عوالم الملكوت؛ فهي رؤية أوسع بكثير من رؤى كل أصحاب العلوم الظاهرة.