اسم الکتاب : معارف النفس الراضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 27
من المجاز.. وهو يشبه من يحمل دلوا صغيرا، وهو يريد أن ينقل به البحر المحيط
من محل إلى محل.. فلا يمكن أن يقال لمثل هذا بأن وظيفته حمل المحيط.
بل إن أمر معرفة الله تعالى أعظم بكثير، ذلك أن أساس معرفته هي العلم
بإطلاقه وعدم محدوديته، وذلك مما يدل على استحالة معرفته، كما عبر الإمام علي عن ذلك بقوله: (ليس
له [ سبحانه وتعالى ] حدّ ينتهي إلى حدّه) ([31])، وقال: (من زعم أنّ إله
الخلق محدود فقد جهل الخالق المعبود) ([32])، وقال: (من حدّه [تعالى
] فقد عدّه، ومن عدّه فقد أبطل أزله)([33])
وروي أن بعض الناس طلب من الإمام علي بن موسى الرضا أن يحدّ الله تعالى
له، فقال له الإمام: لا حدّ له. قال الرجل: ولم؟ قال الإمام: (لأنّ كلّ محدود
متناه إلى حدّ. وإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة. وإذا احتمل الزيادة احتمل
النقصان. فهو غير محدود ولا متزايد ولا متناقص ولا متجزّئ) ([34])
ولهذا كان سيد العارفين رسول الله a يقول في دعائه: (اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو
أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل
القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي)([35])
وفي دعاء آخر يقول: (اللهم اعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك،