ومن أسرار ذلك أن الشيطان قد ينفخ في قلب الإنسان حال غفلته، وبسبب البلاء
الذي تعرض له، بتلك الوساوس التي تملأ النفس بالكدر، فتتوهم ما يتوهمه الغافلون من
أن الكون مؤسس على الظلم والجور والشر، وأنها هي المتحكمة فيه.. ولذلك كان تنزيه
الله، تذكيرا لها بالعدالة المطلقة التي لا يشوبها أي ظلم، وبالرحمة المطلقة التي
لا تختلط بأي قسوة، وذلك كله مما يعين على الصبر، بل على الرضى.
ولهذا يذكر الله تعالى عن يونس عليه السلام قوله عندما حصل له ذلك البلاء
العظيم: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ
نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ
سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87]
وقد أخبر الله تعالى عن إنقاذه من ذلك البلاء الذي وقع فيه بسبب تسبيحه،
فقال: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ
نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 88]، وقال: ﴿فَالْتَقَمَهُ
الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ
(143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصافات: 142 -
144]
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 95