اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 93
المعبود) ([151])،
وقال: (من حدّه فقد عدّه، ومن عدّه فقد أبطل أزله) ([152])
وروي
أن بعضهم طلب من الإمام الرضا أن يحدّ الله تعالى له، فقال له الإمام: لا حدّ له. قال
الرجل: ولم؟ قال الإمام: لأنّ كلّ محدود متناه إلى حدّ، وإذا احتمل التحديد احتمل
الزيادة. وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان. فهو غير محدود ولا متزايد ولا متناقص
ولا متجزئ) ([153])
وإن
كنت ترى أن عقلك ـ أيها المريد الصادق ـ أقل من أن يستنبط الحجج الدالة على
التنزيه والتقديس، ورأيت أن التشبيه والتجسيم قد غلباك على أمرك، بحيث استحال عليك
أن تعقل موجودا ليس له صفات الأجسام، فعليك بكتب المتكلمين، وحججهم، فانظر فيها،
واستعن بها، من غير أن تكتفي بما فيها.. فمعرفة الله أعظم من أن تحد بأي حدود، أو
تقيد بأي قيود.
تسبيح القلب:
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ وانسجم عقلك مع تنزيه الله تعالى، وصرت تضحك على
تلك العقول التي توهمت أن لله تعالى حدودا ومقادير ومكانا وأعضاء، وغير ذلك؛ فلا
تكتف بذلك؛ فالتسبيح والتقديس أعظم من أن يحصر في دوائر الذهن والعقل.
ولذلك؛
فانتقل إلى قلبك، الذي هو محل مشاعرك ومواجيدك وأذواقك؛ فتذوق ذلك المعنى الجليل
الذي يدل عليه التسبيح والتقديس، واستشعره بكل كيانك، وامتلئ بالانبهار والدهشة،
وأنت تطالع صفحات الكمال الإلهي المنزه عن كل نقص وقصور.