اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 640
غير المفهوم كأصوات الجمادات وسائر
الحيوانات)([1268])
ثم
تحدث عن إباحة كل ركن من هذه الأركان المكونة لحقيقة الغناء، فذكر أن (سماع الصوت
الطيب من حيث إنه طيب، لا ينبغي أن يحرم، بل هو حلال لأنه يرجع إلى تلذذ حاسة
السمع بإدراك ما هو مخصوص به، وللإِنسان عقل وخمس حواس ولكل حاسة إدراك، وفي
مدركات تلك الحاسة ما يستلذ، فلذة النظر مثلا في المبصرات الجميلة كالخضرة والماء
الجاري والوجه الحسن، فكذلك الأصوات المدركة بالسمع تنقسم إلى مستلذة كصوت العنادل
والمزامير، ومستكرهة كنهيق الحمير وغيرها)
ومثل
ذلك النظر في الصوت الطيب الموزون، فإنّ (الوزن وراء الحسن فكم من صوت حسن خارج عن
الوزن وكم من صوت موزون غير مستطاب. والأصوات الموزونة باعتبار مخارجها ثلاثة:
فإنها إما أن تخرج من جماد كصوت المزامير والأوتار، وإما أن تخرج من حنجرة إنسان
أو غيره كصوت العنادل والقماري؛ فهي مع طيبها موزونة متناسبة المطالع والمقاطع
فلذلك يستلذ سماعها، فسماع هذه الأصوات يستحيل أن يحرم لكونها طيبة أو موزونة فلا
ذاهب إلى تحريم صوت العندليب وسائر الطيور. ولا فرق بـين حنجرة وحنجرة، ولا بـين
جماد وحيوان)
ومثل
ذلك النظر في الموزون والمفهوم، وهو الشعر؛ فهو (لا يخرج إلا من حنجرة الإِنسان
فيقطع بإباحة ذلك لأنه ما زاد إلا كونه مفهوماً. والكلام المفهوم غير حرام والصوت
الطيب الموزون غير حرام، فإذا لم يحرم الآحاد فمن أين يحرم المجموع؟ نعم ينظر فيما
يفهم منه فإن كان فيه أمر محظور حرم نثره ونظمه وحرم النطق به سواء كان بألحان أو
لم يكن، ذلك أن الشعر كلام فحسنه حسن وقبـيحه قبـيح. ومهما جاز إنشاد الشعر بغير