اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 638
الكريمة تنفي الغواية عن الذين يذكرون
الله تعالى كثيرا في شعرهم.
ومثل
ذلك ما ذكرت عن بعضهم من استدلاله بقوله تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ
اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ [الإسراء: 64]، وأن ابن
عباس فسرها بالغناء، فإن ذلك وإن
كان صحيحا.. لكن الغناء مثيل الشعر، حسنه حسن وقبيحه قبيح.. بالإضافة إلى أن الصوت
الذي يستعمله الشيطان ليس خاصا بالغناء، وإنما بكل وسيلة تكون سببا إلى معصية الله،
بالإضافة إلى أن الغناء وإن استعمله الشيطان في سبيل الضلالة، فيصح أن يستعمله
غيره في سبيل الخير والاستقامة.
ومثل
ذلك ما ذكرت عن بعضهم من استدلاله بقوله تعالى: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ
يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾(لقمان:6)، وأن
من المفسرين من فسر ذلك بالغناء، فإن هذا وإن صح في بعض الغناء، لكنه لا يصح في
جميعه، و(ولو أن امرأ اشترى مصحفا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوا لكان كافرا،
فهذا هو الذي ذم الله تعالى وما ذم قط تعالى من اشترى لهو الحديث ليلتهي به ويروح
نفسه، لا ليضل عن سبيل الله تعالى.. وكذلك من اشتغل عامدا عن الصلاة بقراءة
القرآن، أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو ينظر في ماله، أو بغناء، أو بغير
ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالى، ومن لم يضيع شيئا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو
محسن)([1264])
ويدل
على فساد كل تلك الأدلة التي ذكروها ما ورد من الروايات عن رسول الله a والتي
تدل بمفهومها ومنطوقها على إباحة إنشاد الشعر والغناء وغيرهما.
فقد
روي في المصادر الحديثية الكثيرة أن الصحابة تناشدوا الأشعار بحضرة النبيّ a