هذه
ـ أيها المريد الصادق ـ هي الكلمات الصادقة الممثلة للدين، والتي عليك أن تعتمد
عليها في تزكية نفسك وترقيتها، أما من يدعوك إلى الاكتفاء بنفسك، وعدم الاهتمام
بشؤون الأمة، ولا بالإصلاح، ولا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فهو يدعوك إلى
دين آخر، ليس دين الإسلام.
ذلك
أن القرآن الكريم الذي هو كتاب المسلمين المقدس، يقول مخاطبا رسول الله a: ﴿فَلِذَلِكَ
فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ
رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾
[الشورى: 15]
ويخبر
أن أرفع المراتب هي مراتب الدعاة إلى الله، فيقول: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: 33]
واعلم
ـ أيها المريد الصادق ـ أنك ـ بقدر حرصك على إصلاح الخلق ـ ييسر الله تعالى لك
إصلاح نفسك.. فالله هو الذي يزكي الأنفس ويربيها.. ولذلك فإن من مواهبه لمن يسعون
في إصلاح الخلق بصدق وحرص أن يصلح لهم أنفسهم، ويعينهم عليها، وفرق كبير بين أن
تسعى أنت لإصلاح نفسك، وبين أن يتولى الله عنك ذلك.