responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 635

ولم يكن يكتفي بتلك المواعظ العامة، وإنما كان يفصل المنهج الذي ينبغي أن تسير عليه الأمة في حكمها وسياستها وكل شؤونها، وهو أن تكل الأمور لأهل العلم والولاية، لا غيرهم ممن لا يعرف حكم الله، ولا يستطيع مراعاتها؛ وقد قال لهم في تلك الخطبة: (وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسعون ذلك؛ بأن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الامناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة. ولو صبرتم على الأذى، وتحملتم المؤونة في ذات الله، كانت امور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم، واستسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات) ([1262])

ثم بين لهم المنهج الذي يمكن أن يسلكوه للتخلص من القيود التي وضعها الظلمة على رقابهم، وأولها حرصهم على الحياة، وخوفهم من الموت، وكأنه بذلك يهيئهم للمواجهة الكبرى التي تحققت في كربلاء، ليقيم عليهم الحجة بنفسه، بعد أن أقامها عليهم بكلماته، فقد قال: (سلطهم على ذلك فراركم من الموت، وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم؛ فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور، وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم؛ اقتداء بالأشرار، وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض لهم شاغرة، وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول، لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبار عنيد، وذي سطوة على الضعفة شديد، مطاع لا يعرف المبدئ المعيد. فيا عجبا! وما لي لا أعجب والأرض من غاش غشوم، ومتصدق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه


[1262]المرجع السابق: 239..

اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 635
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست