اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 622
الله
تعالى وهو منتهى حسن الخلق. فإن من يكره فعل الله تعالى ولا يرضى به فهو غاية سوء
خلقه، فهؤلاء ظهرت العلامات على ظواهرهم كما ذكرنا. فمن لم يصادف من نفسه هذه
العلامات فلا ينبغي أن يغتر بنفسه فيظن بها حسن الخلق، بل ينبغي أن يشتغل بالرياضة
والمجاهدة إلى أن يبلغ درجة حسن الخلق فإنها درجة رفيعة لا ينالها إلا المقربون
والصديقون)([1235])
المخالطة والترقية:
أما
الدور الثاني للمخالطة ـ أيها المريد الصادق ـ فيتمثل في ترقية النفس ونيلها
المراتب العالية التي تؤهلها للعروج في سلم الكمال المتاح لها.
ذلك
أن الله تعالى ربط بين الرقي والكمال وخدمة المجتمع بكل أنواع الخدمة الممكنة؛ ومن
حرم نفسه من تلك الخدمات، لن ينال تلك المراتب.
ولهذا
كان الرسل عليهم الصلاة والسلام وورثتهم أشرف الناس وأكملهم نتيجة لتلك الأدوار
العظيمة التي قاموا بها في خدمة مجتمعاتهم، كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ (الانبياء:73)، وقال: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ
عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ (القصص:5)، وقال: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا
يُوقِنُونَ﴾ (السجدة:24)
وهكذا؛
فإن الذي يعتزل الناس عزلة مطلقة تفوته الكثير من أعمال الخير التي رتب الله تعالى
عليها الكثير من الأجور التي لا يمكن أن تنال من دونها، ومن ذلك ما عبر عنه قوله تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ
شَيْءٍ