اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 621
يا
أستاذ ارجع فرجع، فقال له مثل مقالته الأولى فرجع، ثم دعاه الثالثة وقال: ارجع على
ما يوجب الوقت فرجع، فلما بلغ الباب قال له مثل مقالته الأولى فرجع، ثم جاءه
الرابعة فرده حتى عامله بذلك مرات، والرجل الصالح لا يتغير من ذلك، فأكب على رجليه
وقال:(يا أستاذ إنما أردت أن أختبرك فما أحسن خلقك)، فقال:(إنّ الذي رأيت مني هو
خلق الكلب، إن الكلب إذا دعي أجاب وإذا زجر انزجر)
وهو
موقف عظيم لو تمثل في المجتمع لحفظ المجتمع من أكثر أسباب الشقاق التي يسببها
التعالي والعزة الكاذبة.
ويروى
عن هذ الصالح الذي ربى نفسه على الصبر الشديد، أنه اجتاز يوماً في سكة فطرحت عليه
إجانة رماد فنزل عن دابته فسجد سجدة الشكر، ثم جعل ينفض الرماد عن ثيابه ولم يقل
شيئاً، فقيل: ألا زبرتهم؟ فقال: إن من استحق النار فصولح على الرماد لم يجز له أن
يغضب.
ويروى
أن الإمام السجاد دعا غلاماً فلم يجبه فدعاه ثانياً وثالثاً فلم يجبه، فقام إليه
فرآه مضطجعاً فقال: أما تسمع يا غلام؟ قال: بلى، قال: فما حملك على ترك إجابتي؟
قال: أمنت عقوبتك فتكاسلت، فقال: امض فأنت حر لوجه الله تعالى.
ويروى
ن أويساً القرني كان إذا رآه الصبـيان يرمونه بالحجارة فكان يقول لهم: (يا إخوتاه
إن كان ولا بد فارموني بالصغار حتى لا تدموا ساقي فتمنعوني عن الصلاة)
وقالت
امرأة لمالك بن دينار: يا مرائي، فقال: يا هذه وجدت اسمي الذي أضله أهل البصرة.
وقد
قال بعض الحكماء يصف هذه النفوس: (فهذه نفوس قد ذللت بالرياضة فاعتدلت أخلاقها،
ونقيت من الغش والغل والحقد بواطنها فأثمرت الرضا بكل ما قدره
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 621