اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 618
المستكبرين)([1233])، وفي ذلك إشارة إلى أن
المعتزلين لمثل هذه المجالس مستكبرون من حيث لا يشعرون.
ولهذا
فإن الكثير من مثالب النفس الأمارة لا يمكن معرفتها من دون مخالطة، ذلك أنها وحدها
من يكشف جوهر الإنسان، ولهذا يدعو الله تعالى إلى ابتلاء اليتامى للنظر في قدرتهم
على التعامل السليم مع المال قبل تسليمه لهم، فقال: ﴿وَابْتَلُوا
الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً
فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً
أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً
فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ
فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً﴾ (النساء:6)
ومثل
المال كل المسؤوليات التي لا يمكن تحملها ما لم ينجح صاحبها في الاختبارات التي
يتعرض لها.. ولهذا يخبرنا الله تعالى عن نموذج من نماذج البلاء الذي قام به طالوت
لتمييز جنوده، فقال: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ
اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ
يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا
مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا
مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
(البقرة:249)
بل
إن الله تعالى يجعل لمن نجح في امتحان البلاء الشديد الإمامة في الأرض، والإمام في
الاصطلاح القرآني هو من كان قائدا للناس وقدوة لهم، قال تعالى: ﴿وَإِذِ
ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ﴾ (البقرة:124)
والفائدة
التربوية الثالثة للمخالطة هي ما ورد في وصية لقمان عليه السلام بعد ذكره