اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 606
علامة
على قوة العقل، فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند
الله، وكان الله أنيسه في الوحشة، وصاحبه في الوحدة، وغناه في العيلة، ومعزّه من
غير عشيرة.. يا هشام.. قليل العمل مع العلم مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الجهل
مردود)([1220])
وقال
الإمام العسكري: (الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم)([1221])
وقد قال بعض الحكماء يشير إلى ضرورة هذه العزلة ودورها في
التزكية: (من خالط الناس فلا يخلو
عن مشاهدة المنكرات، فإن سكت عصى الله به وإن أنكره تعرّض لأنواع من الضرر ربّما
يجرّه الخلاص منها إلى معاصي هي أكثر ممّا نهي عنه ابتداء، وفي العزلة خلاص من هذا
فإنّ الأمر في إهماله شديد والقيام به شاقّ) ([1222])
ثم ذكر من الأمثلة على ذلك الغيبة، فقال: (أمّا الغيبة وهي من المهلكات؛ فإن التحرّز عنها مع المخالطة عظيم لا ينجو
منها إلّا الصدّيقون، فإنّ عادة الناس كافّة التمضمض بأعراض الناس والتفكّه بها،
والتنقّل بحلاوتها، فهي طعمتهم ولذّتهم، وإليها يستروحون من وحشتهم في الوحشة؛ فإن خالطتهم ووافقت أثمت وتعرّضت لسخط
الله، وإن سكت كنت شريكا والمستمع أحد المغتابين، وإن أنكرت أبغضوك وتركوا ذلك
المغتاب واغتابوك فازدادوا غيبة إلى الغيبة، وربّما زادوا على الغيبة وانتهوا إلى
الاستخفاف والشتم)([1223])
ومن الأمثلة عن
الضرورات الداعية إليها ما سماه [مسارقة
الطبع]، بسبب (ما