ومنها
قوله بعد مروره على مزبلة: (هذا ما بخل به الباخلون.. هذا ما كنتم تتنافسون فيه
بالأمس)([1195])
وقال
في موعظة أخرى: (إنّما المرء في الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا، ونهب تبادره
المصائب، ومع كلّ جرعة شرق، وفي كلّ أكلة غصص، ولا ينال العبد نعمة إلّا بفراق
أخرى، ولا يستقبل يوما من عمره إلّا بفراق آخر من أجله، فنحن أعوان المنون،
وأنفسنا نصب الحتوف، فمن أين نرجو البقاء، وهذا اللّيل والنّهار لم يرفعا من شيء
شرفا، إلّا أسرعا الكرّة في هدم ما بنيا، وتفريق ما جمعا) ([1196])
وغيرها
من المواعظ الكثيرة له ولسائر أئمة الهدى؛ فاحرص عليها، ونور قلبك بأنوارها، واعلم
أن في كل كلمة منها علما وحكمة، وكيف لاتكون كذلك، وهي التي استضاءت بنور الرسالة،
وبرزت من معدن النبوة.
واحذر
من تلك الروايات والمواعظ التي دسها عليهم أعداؤهم، وهم منها برؤاء؛ فارجع إلى
كلام ربك لتحاكم إليه كل ما شككت فيه.. واعلم أنهم أعظم من أن يخالفوا كلام ربهم،
وكيف يخالفونه، وقد أخبر رسول الله a أنهم لا يفارقونه، ولا يفارقهم.