اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 59
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الذكر أعظم من أن يختصر فيما اصطلح عليه
لقب [الأذكار]، مما يردد في الصباح والمساء، أو في الأحوال المختلفة، وإنما هو
شامل لكل ما يذكرك بربك، وبأسمائه الحسنى، سواء كان آيات من القرآن الكريم، أو
أدعية أو مناجاة أو ما اصطلح عليه بلقب الذكر، سواء مما ورد النص على صيغته، أو لم
يرد، حتى لو كانت أشعارا منظومة، أو كلمات منثورة، بل حتى لو كانت أناشيد تلحن
بأصوات عذبة، وتنفعل النفس معها مثلما تنفعل مع الأذكار.
وقد قال رسول الله a يشير إلى ذلك: (مَن أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قلّت صلاته
وصيامه وتلاوته، ومَن عصى الله فقد نسي الله، وإن كثُرت صلاته وصيامه وتلاوته)([75])
وقال
الإمام الصادق: (مَن كان ذاكراً لله على الحقيقة فهو مطيعٌ، ومَن كان غافلاً عنه
فهو عاصٍ، والطاعة علامة الهداية، والمعصية علامة الضلالة، وأصلهما من الذكر
والغفلة.. فاجعل قلبك قبلةً، ولسانك لا تحركه إلا بإشارة القلب، وموافقة العقل،
ورضا الإيمان، فإن الله تعالى عالمٌ بسّرك وجهرك.. وكن كالنازع روحه، أو كالواقف
في العرض الأكبر، غير شاغل نفسك عمّا عناك مما كلّفك به ربك في أمره ونهيه، ووعده
ووعيده، ولا تُشغلها بدون ما كلّفك.. واغسل قلبك بماء الحزن، واجعل ذكر الله من
أجل ذكره لك، فإنه ذَكَرك وهو غنيٌّ عنك، فذكْره لك أجلُّ وأشهى وأتمُّ من ذكرك له
وأسبق)([76])
لكن
الشريعة الحكيمة مع إتاحتها الفرصة للنفس أن تستعمل من الصيغ ما تشاء من الأذكار
التي تتناسب مع حاجاتها، وبالأساليب التي ترغب فيها، وضعت الكثير من الصيغ
المختصرة اليسيرة التي تلبي جميع الحاجات، وبأصح الطرق، وأجمل الأساليب..