اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 568
مهیه الصالحین
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن المعية التي ورد ذكرها في قوله تعالى:﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
(التوبة:119)، ودورها في التزكية والترقية، وكيفية التحقق بها.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن المعية التي وردت في تلك الآية الكريمة من أكبر
المدارس التربوية التي لا يمكن أن تتحقق التزكية والترقية من دونها؛ فلا يمكن أن
يسير أحد في طريق الكمال دون أن يكون له ومعه من الصالحين من يتواصل معهم، ويكون
له فيهم أسوة حسنة.
ولذلك
ترى في الصلاة التي تجتمع فيها كل المدارس التربوية ذكرا للصالحين، وتسليما عليهم،
بل ورد ما يدل على فضل الإكثار من الصلاة على رسول الله a في كل حركة من حركاتها من ركوع
وسجود وتشهد وغيرها، وكل ذلك ليس سوى نوع من أنواع المعية مع رسول الله a
والصالحين من أمته وغيرهم..
ولذلك؛
فإن المعية ـ أيها المريد الصادق ـ لا تعني الحضور الشخصي مع ذلك الصالح الذي تريد
صحبته، بل يكفي أن يكون قلبك وروحك حاضرة معه؛ فالعبرة بالأرواح، لا بالأجساد.
ولهذا
نال شرف صحبة رسول الله a أويس القرني، الذي ذكره رسول الله a وأثنى عليه على الرغم من عدم
ملاقاته له، في نفس الوقت الذي حرم من تلك الصحبة من شرفهم الله بأن يصحبوه بروحه
وجسده، لكنهم حرموا من شرف تلك الصحبة بكبرهم وعتوهم وطغيانهم.
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 568