اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 560
ولذلك
فإن العارف الحقيقي بالله هو الذي يجمع بين المعرفتين.. والداعي إلى الله على
بصيرة هو الذي يستعمل كلا الوسيلتين.
أما
التلاعب بالكلمات، وتوهم أن العذاب ليس سوى عذوبة، فهل يمكن أن ينطبق على قوله
تعالى في وصف حال أهل النار وألمهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ
لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ
يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يرِيدُونَ
أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ
مُّقِيمٌ﴾ [المائدة:36-37]، فهل يمكن لمن ينزل فندقا ممتلئا بالعذوبة أن
يطلب مغادرته؟
وقال
تعالى في وصف طعامهم: ﴿لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ
وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ﴾ [الغاشية:6-7]، فهل هذا وصف لعذاب أم لنعمة؟ وهل
هو وصف لسجن ممتلئ بزنزانات التعذيب، أم هو وصف لفنادق ممتلئة باللذة والعذوبة؟
وقال
تعالى في وصف آلامهم وصياحهم وعذابهم: ﴿إِنا أَعْتَدْنَا لِلظالِمِينَ
نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء
كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا﴾
[الكهف:29]، فهل يمكن لمن نزل الفنادق الممتلئة بالعذوبة أن يندم أو يطلب الخروج
منها؟
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاسمع لما سأحدثك به مما ذكرته النصوص المقدسة في
دور الرهبة والخشية في التزكية والترقية.
الرهبة والتزكية:
أما
دور الرهبة والخشية في التزكية؛ فهو ظاهر للعقول المجردة البسيطة التي تتفق على أن
تطبيق القوانين لا يمكن أن يتم بصورة سليمة ما لم يوضع بجانبها قوانين خاصة
بالعقوبات المرتبطة بالجرائم المختلفة.
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 560