اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 544
موجهة
لهؤلاء، أو هي بعبارة أخرى موجهة لجميع الناس، ولكن لا يستفيد منها غير هؤلاء.
أما
غيرهم من المعرضين عن آيات الله الذين يقصرون نظرهم على شهواتهم، فلا يرون في
الكون غير سوق لتغذية هذه الشهوات، فالقرآن الكريم يضعهم في صنف المعرضين، قال
تعالى:﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا
مُعْرِضُونَ﴾ (الانبياء:32)، وقال تعالى:﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾
(يوسف:105)
وهؤلاء
هم الأميون في عالم الحقائق، وإن قرأو جميع حروف العالم، وحللوا جميع لغاته،
فالعجب كل العجب ـ كما يقول بعض الحكماء ـ ممن يرى خطاً حسناً أو نقشاً حسناً على
حائط فيستحسنه، فيصرف جميع همه إلى التفكر في النقاش والخطاط وأنه كيف نقشه وخطه
وكيف اقتدر عليه ولا يزال يستعظمه في نفسه ويقول: ما أحذقه وما أكمل صنعته وأحسن
قدرته ثم ينظر إلى هذه العجائب في نفسه وفي غيره ثم يغفل عن صانعه ومصوّره فلا
تدهشه عظمته ولا يحيره جلاله وحكمته؟)([1088])
هذا
جوابي على رسالتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تعمل بما فيها؛ حتى يؤدي عقلك
وظائفه التي كلف بها، والتي هي في طاقته.. ولا تكن كأولئك الذين يسدون كل منافذ
الحقيقة عن بصائرهم، ثم يتهمون الله تعالى بأنه لم يجعل في كونه من الآيات ما
يهديهم إليه.