اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 541
للمكونات
عن الحروف المسجلة فيها.
ولعل
أعظم وصف قرآني لهم هو ما ورد في أواخر سورة آل عمران من قوله تعالى:﴿إِنَّ
فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ
لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى
جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا
خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (آل
عمران:191)
وفي
هذه الآيات برهان جلي على الأثر الذي تتركه القراءة الإيمانية لحروف المكونات،
فالقرآن الكريم قدم الفكر على الذكر، وقدم القراءة على التسبيح، ثم ذكر أن أول ما
يقوله هؤلاء العارفون، أو أول ما يقرؤونه هو أن هذا الخلق العظيم لم يخلق عبثا.
ونلاحظ
هنا كذلك أن هؤلاء العارفين لا يقتصرون على النظر إلى المكونات، بل يبحثون في
حركاتها وسكناتها وعجيب ما يحدث لها من التحولات، ليتعرفوا من خلال ذلك على الله.
ويلي
هؤلاء ـ الذين تعمقوا في معرفة الله نتيجة تعمقهم في معرفة الكون ـ أصحاب العقول
الراجحة الذين يمدون أبصارهم لتأمل جميع المكونات في البر والبحر والسماء والأرض،
قال تعالى:﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ
وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ
وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ﴾ (البقرة:164)
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 541