اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 540
الصورة
المتمثلة فيها شيئا ثانويا، بينما إن كان القصد من النظر الى المرآة رؤية الصورة
المتمثلة فيها، فالصورة تتوضح أمامنا بينما يبقى زجاج المرآة أمراً ثانوياً.
وقد
وضع اصطلاحين لذلك، ليوضح من خلالها النظرة القرآنية العرفانية للكون، استفادهما
من اصطلاحات النحويين هما (المعنى الاسمي للكون، والمعنى الحرفي له، فالاسم ما دل
على معنى في نفسه، أما الحرف فهو الذي: دلّ على معنى في غيره)
والنظرة
القرآنية الإيمانية إلى الموجودات تجعلها جميعا حروفاً، تعبّر عن معنى في غيرها،
وهذا المعنى هو تجليات الاسماء الحسنى والصفات الجليلة للخالق العظيم المتجلية على
الموجودات.
ولهذا
اتفق الحكماء على أن حقائق الأشياء، إنما هي الأسماء الإلهية الحسنى، أما ماهية الأشياء
فهي ظلال تلك الحقائق.. وقد قال بعضهم مخاطباً بعض مريديه يوصيه:(حدد بصر الإيمان
تجد الله تعالى في كل شيء، وعند كل شئ، وقبل كل شئ، وبعد كل شئ، وفوق كل شئ، وتحت
كل شيء، قريباً من كل شئ، ومحيطاً بكل شئ، بقرب هو وصفه، وبحيطة هي نعته، وعد عن
الظرفية والحدود، وعن الأماكن والجهات، وعن الصحبة والقرب في المسافات، وعن الدور
بالمخلوقات، وامحق الكل بوصفه الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو هو.. كان الله
ولا شئ معه، وهو الآن على ما عليه كان)
ولأهمية
هذا النوع من القراءة الكونية، ولعلاقته الوثيقة بالإيمان، بل بأرفع درجات الإيمان
يثني القرآن الكريم على المؤمنين الذين أمضوا حياتهم في قراءة رسائل الله إليهم
عبر مكوناته.
وأول
هؤلاء، وعلى رأسهم أولئك الذين يعبر عنهم القرآن الكريم بأولي الألباب، وهم الذين
خرجوا من ظواهر المكونات إلى بواطنها، ولم تحجبهم الصور المزخرفة
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 540