اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 528
ِأُولِي
الْأَبْصَارِ&﴾ [آل عمران: 13]؛ فهذه الآية الكريمة تدعو كل الناس، وليس
المعاصرين لرسول الله a فقط، إلى تحليل ما حصل في غزوة بدر، وكيف نصر الله تعالى المؤمنين
مع قلتهم وضعفهم وظروفهم الصعبة.. حتى يستفيدوا من ذلك الكثير من المعارف، ابتداء
من معرفتهم بالنبوة، وانتهاء بمعرفتهم لسنن النصر وأسراره.
ومن
الأمثلة عنها قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً
نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا
سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ
تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ﴾ [النحل: 66، 67]، فهاتان الآيتان الكريمتان تنبهان العقل إلى
البحث عن الآيات التي تحملها هذه النعم الإلهية العظيمة، وهل يمكن أن توجد من غير
موجد، أو يمكن أن يوجدها غير العليم القدير الرحيم.. وغيرها من الأسماء الحسنى
التي تدل عليها تلك الآيات.
وبناء
على هذا؛ فإن المراد من الاعتبار والاستبصار في النصوص المقدسة، هو (النّظر في
حقائق الأشياء، وجهات دلالتها ليعرف بالنّظر فيها شيء آخر من جنسها) ([1073])
وبناء
على طلبك ـ أيها المريد الصادق ـ فسأشرح لك دورهما في التزكية والترقية.
الاعتبار والتزكية:
أما دورهما في التزكية ـ أيها المريد الصادق ـ فقد ورد في الدلالة عليها الكثير من
النصوص المقدسة التي تدعو العقول والبصائر إلى الاعتبار بما حصل للأمم السابقة،
وكيف أداهم عجبهم وغرورهم وكبرهم إلى ذلك الهلاك الذي وقع بهم.
ومن
الأمثلة على ذلك قوله تعالى في الدعوة إلى الاعتبار بما حصل لفرعون، بعد أن بلغ به
استبداده وكبره إلى ادعاء الألوهية، قال تعالى: ﴿فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى