responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 49

وذكره له، فقد روي أنه قال مخاطبا أصحابه: (ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم) قالوا: بلى يا رسول الله قال: (ذكر الله)([51])

وهذا لا يعني ما يفهمه بعض المقصرين في أداء شعائر الله، والذين يتوهمون أن رسول الله a في هذا الحديث ينسخ كل الشريعة بالذكر، وإنما المراد منها تفضيل الذاكر على الغافل، حتى لو كان ذلك الغافل يمارس كل أنواع الخير.. أما من يذكر الله وهو يمارسها؛ فلا شك في كونه الأفضل، لجمعه بين الحسنيين: العمل الصالح، وذكر الله.

وسر ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ يرجع إلى أن الذاكر في حال ذكره في صحبة الله تعالى ومعيته الخاصة، كما ورد ذلك في الحديث القدسي، قال رسول الله a: (يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني؛ فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملإٍ خيرٍ منهم، وإن تقرب إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبْت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيتُه هَرولة)([52])

وأخبر a عن صحبة الذاكر للملائكة، وانتشار أنوارها إليه في حال ذكره، فقال: (لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده)([53])

وهذا كله يدعم التأثير الغيبي في التزكية، وهو أهم أنواع التأثير وأسهلها، وأشملها، ذلك أن الذي يتولى تصفية النفس وتربيتها هو خالقها العالم بها.


[51] الترمذي، رقم 3377 وابن ماجه، رقم 3780.

[52] البخاري (13/521-فتح)، ومسلم (17/2-3 و11 و12)

[53] مسلم، برقم 2700.

اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست