اسم الکتاب : مدارس النفس اللوامة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 50
وإلى
هذا الإشارة بقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ
وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 43]؛ فالله تعالى يتولى إصلاح كل من
اتصل به، وملأ قلبه بالهداية.
ولذلك
أمرنا أن ندعو الله تعالى بذلك في كل صلاة، ففي سورة الفاتحة نردد في كل ركعة: ﴿اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]
ولذلك
كان رسول الله a يدعو، فيقول: (اللهمّ إنّي أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن
والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها.
أنت وليّها ومولاها اللهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس
لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها) ([54])، فأكثر ما ورد في هذا الدعاء مما
يرتبط بإصلاح النفس وتهذيبها.
ولذلك
لا تتوهم ـ أيها المريد الصادق ـ أنه لا ينال التزكية إلا العلماء الخبراء الذين
فتشوا بطون الكتب، ودرسوا في الجامعات، وعند الأساتذة والمشايخ، كلا.. فالله تعالى
أرحم بعوام المؤمنين من أن يحرمهم من تهذيب أنفسهم بسبب قلة علومهم، أو عدم
تفرغهم.. بل هو يتولى ذلك عنهم.
ولا
يشترط لذلك سوى شرط واحد، هو نفس الشرط الذي يشرط على المريض الذي استعصى داؤه..
وهو كثرة التردد على المختصين من الأطباء، واستعمال الأدوية التي ينصحون بها.
ولذلك
نجد القرآن الكريم يخص الذكر وحده من بين العبادات جميعا بالدعوة إلى الإكثار منه،
ذلك أن تأثيره الحقيقي يكون في ذلك الإكثار، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا